4- الأغراض المختلفة التي يتوخاها المشرع في تنظيم العقود المسماة
:
على أن المشرع في تنظيمه للعقد المسمى لا
يصادر مبدأ سلطان الإرادة ولا حرية المتعقادين في تنظيم تعاملهما على الوجه الذي يثرانه
. فلو أنهما في بعض المسائل التي نظمها المشرع يريدان حلولا أخرى غير تلك التي
وضعت ، وكانت هذه المسائل ليست من النظام العام ، فإنهما يستطيعان أن ينسخا الحلول
التي وضعها المشرع ، وليس عليهما في ذلك إلا أني ضعا الحلول التي اختارها فتكون هي
المعمول بها دون الحلول التي وضعها المشرع .
والعقود
المسماة تخضع هي أيضاً للقواعد العامة في نظرية العقد كما تخضع العقود غير المسماة
، وقد رأينا أن المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد كان يشتمل على نص في هذا
المعنى ([1])
.
ولكن المشرع يعني مع ذلك بتنظيمها وإيراد نصوص خاصة في شأنها ، توخياً لتحقيق أغراض مختلفة منها :
ولكن المشرع يعني مع ذلك بتنظيمها وإيراد نصوص خاصة في شأنها ، توخياً لتحقيق أغراض مختلفة منها :
1
– لما كانت العقود المسماة هي من أكثر العقود شيوعاً في التعامل ، وقد أعان شيوعها
على إرساء قواعدها واستقرار أحكامها ، فإن المشرع أراد بتنظيم العقد الرسمي أن
يعبد الطريق للمتعاملين ، فلا يجدون مشقة في تنظيم علاقاتهم التعاقدية ، إذ تنبه
المشرع لأكثر ما يعرض لهذه العلاقات فتناولها بالتنظيم والتحديد ، ووضع أحكاماً
نموذجية هي نتاج خبرة القرون الطويلة . ولم يكن المتعاقدان ليستطيعا التنبه لجميع
هذه المسائل ، فتولاها المشرع عنهما .

2-
والمشرع عندما يطبق القواعد العامة على عقد مسمى بالذات ، كثيراً ما يجلى تطبيقات
خفية لهذه القواعد ، تختلف فيها الأنظار . فيعرض لما فيه خفاء من هذه التطبيقات
فيوضحه بنصوص حاسمة لا تدع مجالا للاضطراب والبلبلة . والأمثلة على ذلك كثيرة ،
نذكر منها ضمان الاستحقاق وضمان العيوب الخفية وتحمل تبعة الهلاك .
3 – على أن المشرع لا يقتصر على مجرد تطبيق القواعد العامة في العقود المسماة ،
فهو في بعض الحالات يخرج على هذه القواعد لمبررات خاصة ترجع إلى العقد المسمى الذي
يتولى تنظيمه ، وأكثر هذه المبررات تتصل بالنظام العام . فإيراد نصوص على هذا
النحو يصبح إذن أمراً ضرورياً ، إذ هو يجعل الأحكام الواجبة التطبيق تختلف
اختلافاً بينا عن تلك التي تستنبط من القواعد العامة . نذكر للتمثيل على ذلك ما
حاد فيه المشرع عن تطبيق القواعد العامة في الحقوق المتنازع فيها ، وفي بيع المريض
مرض الموت ، وفي بيع ملك الغير ، وفي كثير من نصوص عقد العمل ، وفي الرجوع في
الهبة ، وفي الغلط في الصلح ، وفي التزام المرافق العامة ، وفي تعديل الأجرة في
عقد الوكالة ، وفي التأمين بما يشتمل عليه من قواعد خاصة ، وغير ذلك كثير نراه منتثرًا
في نواح متفرقة من العقود المسماة .
4
– وقد يعمد المشرع أخيراً ، في تنظيم العقد المسمى ، إلى تحقيق غرض هام ، هو توجيه
هذا العقد وتطويره بحيث يتمشى مع الاتجاهات المتجددة . فعل ذلك في تحريم الرهن
الذي يستتر تحت اسم بيع الوفاء ، وفي تحريم بيع الوفاء ذاته ، وفي تنظيم أحكام
الأجهزة الحديثة في العين المؤجرة ، وفي تنظيم ما ألفته الناس من خلط عقد الإيجار
بعقد البيع .
ويخلص
مما تقدم أن تنظيم المشرع للعقد المسمى ييسر معرفة الأحكام التي تسرى على هذا
العقد مرتبة بحسب الأولوية . ففي المرتبة الأولى يجب تطبيق النصوص الخاصة التي
أوردها المشرع في هذا العقد المسمى بالذات . فإذا لم يوجد نص يمكن تطبيقه منها ،
وجب تطبيق النصوص الواردة في النظرية العامة للعقد أي تطبيق القواعد العامة .
وتطبق بعد ذلك المصادر غير التشريعية من عرف ونحوه . ويغلب أن تغطى النصوص الخاصة
والقواعد العامة الجزء الأكبر من منطقة العقد المسمى ، فلا يبقى بعد ذلك إلا حيز
ضيق تطبق فيه المصادر غير التشريعية .
الأغراض المختلفة التي يتوخاها المشرع في تنظيم العقود المسماة
4/
5
بواسطة
Mostafa Attiya
ماذا يجول بخاطرك ؟ لاتتردد !! عبّر عن نفسك .بعض الكلمات ستتدفق وبعضها سيتعثر لكنها تسعدنا مهما كانت.