– كيف يتصل المتعاقد الآخر بالغلط
175 – الغلط
المشترك :erreur
commune
لم نعرض في كل ما قدمناه إلا للمتعاقد الذي وقع في الغلط ، فهو
الذي نطبق في شأنه المعيار الذاتي ، معيار الغلط الجوهري . ولكن هل يبقى
المتعاقد الآخر بعيداً عن هذا الغلط ، غير متصل به على وجه من الوجوه ،
والمعيار كما قدمنا ذاتي ، وكثيراً ما يكون جاهلا بأمر هذا الغلط بل ويكون
غير متوقع له ؟ إننا إذا قلنا بذلك تزعزع التعامل ، ولم يأمن أي متعاقد أن
يرى العقد الذي اطمأن إليه قد انهار بدعوى الغلط يقدمها الطرف الآخر ، وهو
بعد لم يدخل في سريرته فيعلم إن كان رضاؤه قد صدر عن غلط !
من أجل ذلك قال
كثير من الفقهاء أن الغلط الفردي لا يكفي ، بل يجب أن يكون الغلط مشتركاً بين
المتعاقدين
( erreur commune ) .
ذلك أن المتعاقد إذا وقع في غلط جوهري واشترك معه المتعاقد الآخر في هذا الغلط ، ثم تبينت الحقيقة وطلب المتعاقد الأول إبطال العقد ، فمن العدل أن يقره المتعاقد الآخر على بطلان العقد لسبب هو نفسه قد اشترك فيه ، ولا يعود هناك وجه للتذمر من تقلقل المعاملات وعدم استقرارها . فإذا فرضنا مثلا أن شخصاً باع لآخر صورة على إنها من صنع مصور مشهور ، وجب أن يكون كل من البائع والمشتري يعتقد أن الصورة هي من صنع هذا المصور حتى يجوز للمشتري طلب إبطال البيع للغلط إذا تبين أن الصورة ليست من صنعه . أما إذا كان المشتري وحده هو الذي يعتقد ذلك دون البائع ، فلا يكون هذا الغلط مشتركاً ، ولا يجعل البيع قابلا للإبطال حتى لا يفاجأ البائع بدعوى إبطال العقد وهو لا يعلم شيئاً عن الغلط الذي وقع فيه المشترى .
( erreur commune ) .
ذلك أن المتعاقد إذا وقع في غلط جوهري واشترك معه المتعاقد الآخر في هذا الغلط ، ثم تبينت الحقيقة وطلب المتعاقد الأول إبطال العقد ، فمن العدل أن يقره المتعاقد الآخر على بطلان العقد لسبب هو نفسه قد اشترك فيه ، ولا يعود هناك وجه للتذمر من تقلقل المعاملات وعدم استقرارها . فإذا فرضنا مثلا أن شخصاً باع لآخر صورة على إنها من صنع مصور مشهور ، وجب أن يكون كل من البائع والمشتري يعتقد أن الصورة هي من صنع هذا المصور حتى يجوز للمشتري طلب إبطال البيع للغلط إذا تبين أن الصورة ليست من صنعه . أما إذا كان المشتري وحده هو الذي يعتقد ذلك دون البائع ، فلا يكون هذا الغلط مشتركاً ، ولا يجعل البيع قابلا للإبطال حتى لا يفاجأ البائع بدعوى إبطال العقد وهو لا يعلم شيئاً عن الغلط الذي وقع فيه المشترى .
هذه هي نظرية
الغلط المشترك ، وهذه هي الحجج التي يقدمها انصار هذه النظرية للتدليل على
صحة نظرهم . ولكننا لا نشك بالرغم مما يقدمون من حجج ، أن النظرية لا
تتمشى مع المنطق ، ولا تتفق مع العدالة ، ثم هي ليست ضرورية لتحقيق
الغرض العملي المقصود وهو استقرار المعاملات إذ يمكن الوصول إلى هذا الغرض من طريق
آخر .
أما أن النظرية
لا تتمشى مع المنطق فظاهر ، لأن الغلط يفسد رضاء من وقع فيه ، ولا يمنع
فساد هذا الرضاء كون المتعاقد الآخر لم يشترك في الغلط . فيجب منطقياً إبطال
العقد إذا شاب رضاء أحد المتعاقدين غلط كان هو الدافع له إلى التعاقد ، سواء
وقع المتعاقد الآخر في هذا الغلط أو لم يقع .
وأما أن
النظرية لا تتفق مع العدالة ، فيظهر ذلك إذا فرضنا أن الغلط لم يكن مشتركاً ،
ولكن المتعاقد الذي صدر منه رضاء صحيح كان يعلم بالغلط الذي وقع فيه المتعاقد
الآخر ، وتركه مسترسلا في غلطه دون أن ينبهه إلى ذلك . فالغلط في مثل
هذه الحالة يكون فردياً ، وليس من شأنها أن يبطل العقد طبقاً لنظرية الغلط
المشترك . ويترتب على ذلك أنه ما لم يكن هناك تدليس من المتعاقد الأول ،
ولنفرض أنه وقف موقفاً سلبياً محضاً ، فإن العقد يكون صحيحاً لا مطعن فيه .
وبديهي أن هذه النتيجة تصطدم مع العدالة ، فإنه إذا كان عدلا أن يبطل العقد
في حالة اشتراك الطرفين في الغلط ، فالأولى أن يبطل العقد إذا انفرد أحد
المتعاقدين بالغلط وكان الآخر يعلم ذلك ولم ينبهه إليه .
وأما أن
النظرية ليست ضرورية لاستقرار التعامل ، فإن ذلك يظهر في وضوح لو اخذنا
بنظرية الغلط الفردي ، واقتصرنا على اشتراط أن يكون المتعاقد الآخر متصلا
بهذا الغلط على الوجه الذي سنبينه فيما يلي .
الغلط المشترك
4/
5
بواسطة
Mostafa Attiya
ماذا يجول بخاطرك ؟ لاتتردد !! عبّر عن نفسك .بعض الكلمات ستتدفق وبعضها سيتعثر لكنها تسعدنا مهما كانت.