
وبالمعيار الذاتي أيضاً أخذ الفقه والقضاء في مصر منذ
عهد القانون القديم . وقد أسعفها في ذلك نصوص هذا القانون ذاتها ، فقد
كانت المادتان 134 / 194 من القانونين الوطني والمختلط تنصان على أن " الغلط
موجب لبطلان الرضاء متى كان واقعاً في أصل الموضوع المعتبر في العقد " ،
وجاء في النص الفرنسي للقانون المصري القديم : " متى كان واقعاً في الناحية
الرئيسية التي كانت محل اعتبار في الشيء " ( le rapport principal sous lequel la chose été envisage
dans le contrat ) . فالنصوص كما نرى تذهب
بوضوح إلى الأخذ بالمعيار الذاتي ،
وقد نقلت لا عن نصوص القانون الفرنسي بل
عن القضاء والفقه في فرنسا بعد التطور الذي أسلفنا ذكره ( [1]
) .
وجاء القانون الجديد مؤيداً للمعيار الذاتي وصريحاً في
وجوب الأخذ به . فقد نصت المادة 120 على أنه " إذا وقع المتعاقد في غلط
جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد . . . ( [2]
) " . ثم نصت المادة 121 على أنه : " 1 - يكون الغلط جوهريا
إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا
الغلط . 2 - ويعتبر الغلط جوهريا على الأخص . أ - إذا وقع في صفة للشيء
تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين ، أو يجب اعتبارها كذلك لما يلابس العقد من
ظروف ولما ينبغي في التعامل من حسن النية . ب - إذا وقع في ذات التعاقد أو في
صفة صفاته ، وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد ( [3]
) " .
ويتبين من هذه النصوص أن القانون الجديد قد أخذ بالمعيار
الذاتي . فالغلط الجوهري عنده هو الغلط الذي يبلغ ، في نظر المتعاقد
الذي وقع في الغلط ، حداً من الجسامة بحيث كان يمتنع عن إبرام العقد لو لم
يقع في الغلط . فهو إذا وقع في صفة للشيء وجب أن تكون هذه الصفة جوهرية في
اعتبار المتعاقدين ، وإذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وجب أن
تكون تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد .
على أن الأخذ بالمعيار الذاتي يقتضي أن يكون المعيار
متعلقاً بحالة نفسية قد يدق الكشف عنها في بعض الأحيان . لذلك اتخذ القانون
الجديد قرينة موضوعية لتنم عن هذه الحالة النفسية ، فقضى بأن صفة الشيء تكون
جوهرية ، ليس فحسب إذا اعتبرها المتعاقدان جوهرية وفقاً لما انطوت عليه
نيتهما بالفعل ، بل أيضاً إذا وجب أن يكونا قد اعتبراها جوهرية وفقاً لما
لابس العقد من ظروف ولما ينبغي في التعامل من حسن النية . فالظروف الموضوعية
للعقد ووجوب أن يسود التعامل حسن النية يهديان – إذا لم نهتد من طريق آخر – إلى
تعرف نية المتعاقدين . فإذا اشترى شخص من تاجر في الآثار قطعة ظنها أثرية ،
ثم اتضح إنها ليست كذلك ، فمن حق المشتري أن يقيم من واقعة أنه تعامل مع تاجر
الآثار قرينة على نيته ، وأن يتخذ من هذه القرينة ذاتها دليلا على نية
المتعاقد الآخر ، وأن يتمسك بما ينبغي أن يسود التعامل من حسن النية فلا يكلف
نفسه أن يتحقق من الصفة الأثرية للقطعة ما دام قد اشتراها من تاجر في الآثار ،
بل كان الواجب على هذا أن ينبه المشتري إلى أن القطعة ليست أثرية لو كان عالماً
بذلك .
عيوب الارادة > الغلط
عيوب الارادة > الغلط
( [1] ) أنظر في الفقه المصري دي هلتس
الجزء الأول لفظ ( convention
) فقرة 56 – هالتون 1 ص 387 – فتحي زغلول ص 132 – والتون 1 ص 165 – ص 166 –
الدكتور عبد السلام ذهني بك في الالتزامات فقرة 127 – الدكتور محمد صالح بك في
الالتزامات فقرة 268 – الدكتور محمد وهيبة في النظرية العامة في الالتزامات فقرة
255 – نظرية العقد للمؤلف فقرة 357 وما بعدها – الدكتور حلمي بهجت بدوي فقرة 116 –
الدكتور أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 156 وما بعدها .
وانظر في القضاء المصري محكمة النقض ( الدائرة المدنية )
في 7 نوفمبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 ص 923 – محكمة قنا الاستئنافية في 26 مارس سنة
1908 المجموعة الرسمية 9 رقم 66 – محكمة الجزية الجزئية في 21 مارس سنة 1903
الحقوق 18 ص 140 – محكمة الاستئناف المختلطة في 7 يناير سنة 1892 م 4 ص 99 – وفي 22
ديسمبر سنة 1892 م
5 ص 56 – وفي 7 نوفمبر سنة 1910
م 23 ص 26 – وفي 19 يناير سنة 1911 م 23 ص 119 – وفي 17
مايو سنة 1911 م
23 ص 325 – وفي 16 مايو سنة 1917
م 29 ص 426 – وفي 16 مايو سنة 1917 م 29 ص 428 – وفي 25
مارس سنة 1922 م
36 ص 261 – وفي 26 نوفمبر سنة 1930
م 43 ص 44 .
( [3] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في
المادة 168 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - يكون الغلط جوهريا
إذا كان من الجسامة بحيث كان يمتنع الطرف الذي وقع فيه إبرام العقد لو لم يقع في
الغلط وقدر الأمور تقديراً معقولاً . 2 - ويعتبر الغلط جوهريا على الأخص في
الأحوال الآتية : أ - إذا وقع في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين أو بالنسبة
لما يلابس العقد من ظروف ولما ينبغي أن يسود التعامل من حسن النية . ب ) إذا
وقع في ذات الشخص أو في صفة من صفاته ، وكانت تلك الذات أو تلك الصفة السبب
الوحيد أو السبب الرئيسي في التعاقد . ج ) إذا وقع الغلط في أمور يعتبرها
المتعاقد الذي يتمسك بالغلط عناصر ضرورية للتعاقد طبقاً لما تقضي به النزاهة في
التعامل " . وحذفت لجنة المارجعة الجزء ( ج ) من الفقرة الثانية لأن ذكر
هذه الحالة مع الحالتين السابقتين يكاد يحيط بكل حالات الغلط فلا يصبح هناك معنى
لايراد الفقرة الثانية على سبيل التمثيل . وأصبح رقم المادة 125 في المشروع
النهائي . ووافق مجلس النواب على المادة دون تعديل . وحذفت لجنة القانون
المدني بمجلس الشيوخ عبارة " وقدر الأمور تقديراً معقولاً " من الفقرة
الأولى لأنها تتضمن قيداً يحسن أن يترك أمره لتقدير القاضي ، وحذفت عبارة "
السبب الوحيد " من الفقرة الثانية حرف ( ب ) لأن في عموم عبارة " السبب
الرئيسي " الواردة في الفقرة ذاتها ما يغني عنها ، وأصبح رقم المادة 121 .
وقد وافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2
ص 155 – ص 158 ) . وانظر المادة 15 من المشروع الفرنسي الإيطالي والفقرة الثانية
من المادة 37 من قانون الالتزامات البولوني .
معيار الغلط الجوهري في القانون المصري معيار ذاتي
4/
5
بواسطة
Mostafa Attiya
ماذا يجول بخاطرك ؟ لاتتردد !! عبّر عن نفسك .بعض الكلمات ستتدفق وبعضها سيتعثر لكنها تسعدنا مهما كانت.