النظرية الحديثة في السبب
276 – وجوب التوسع في تحديد السبب:
لم يرض القضاء ،
وهو الذي يواجه الحياة العملية ، عن النظرية التقليدية في السبب .
فهي
نظرية ضيقة عقيمة لا غناء فيها . وسار في طريق غير طريق الفقه التقليدي ،
وتوسع في تحديد السبب ، فجعله هو الباعث الدافع إلى التعاقد . وقد عاد
القضاء بذلك عن غير قصد إلى نظرية السبب عند الكنسيين ، لأنها هي النظرية
التي تنتج في العمل . وما لبث الفقه الحديث أن انضم إلى القضاء في نظريته
الجديدة ، إذ أدرك مدى ما فيها من خصوبة ومرونة . ولم يكن بد من أن
تقترن الإرادة بالباعث الذي يحركها – وهذا هو التصرف المسبب وهو الأصل والقاعدة –
أو أن تتجرد عن هذا الباعث . وهذا هو التصرف المجرد ولا يرد إلا على سبيل
الاستثناء .
فنحن نتكلم إذن في مسائل ثلاث : ( 1 ) استبعاد النظرية
التقليدية . ( 2 ) الأخذ بالنظرية الحديثة وهي تقوم على الباعث الدافع إلى
التعاقد . ( 3 ) التصرف المجرد ( acte abstrait ) .
1 – استبعاد النظرية
التقليدية
277 – العيب الجوهري في النظرية التقليدية:
رأينا أن
الصياغة الرومانية الشكلية هي التي ساهمت كثيراً في تكييف نظرية السبب التي نقلها
دوما عن الفقهاء المدنيين فأصبحت هي النظرية التقليدية . والعيب الجوهري في
هذه النظرية ليس في إنها غير صحيحة . فهي ، حتى لو كانت صحيحة ،
عقيمة على كل حال . وهي لا تضيف شيئاً إلى الثروة القانونية ، إذ هي
تحدد السبب في أنواع العقود المختلفة تحديداً آلياً . وتتطلب فيه شروطاً
ثلاثة . ونستعرض هذه الشروط مطبقة على السبب في صوره المختلفة ، لنثبت
أن السبب بهذا المعنى التقليدي الضيق يمكن الاستغناء عنه دون عناء .
278 -كيف نستغني عن السبب الموجود:
تحرص النظرية
التقليدية على أن تشترط وجود السبب ، وتستخلص من ذلك أن السبب إذا لم يكن
موجوداً فإن الالتزام لا يقوم . وتأتي لذلك بمثلين : مثل من أكره على إمضاء
التزام ليس له سبب ، ومثل من امضى سند مجاملة عن بينة واختيار .
فإذا اكره شخص على إمضاء سند لسبب لا وجود له ،
كقرض لم يتم ، فإن العقد يكون باطلا . ولا يكفي هنا استظهار الإكراه ،
فإنه يقتصر على جعل العقد قابلا للإبطال بينما العقد باطل كما قدمنا . ولكن
على أي أساس يقوم بطلان العقد ؟ تقول النظرية التقليدية إن الأساس هو انعدام السبب ،
إذ الالتزام بالمديونية سببه القرض والقرض لم يتم . على أنه من اليسير أن نصل
إلى النتيجة ذاتها عن طريق غير طريق السبب . ذلك إننا إذا اعتبرنا السند
تصرفاً صادراً عن إرادة منفردة ، فهو التزام بدفع مبلغ واجب بعقد القرض ،
ولما كان هذا المبلغ لا وجود له لأن القرض لم يتم ، فمحل الالتزام معدوم ،
ويسقط الالتزام لا لانعدام السبب بل لانعدام المحل . وإذا اعتبرنا السند هو
عقد القرض ذاته ، فالتزام المقترض لا يقوم هنا أيضاً لأنه لم يتسلم مبلغ
القرض ، ولا بد من أن يتسلم المقترض مبلغ القرض حتى يلتزم برده ، إما
لأن القرض عقد عيني لم يتم بالتسليم ، وإما لأن القرض عقد رضائي ( وفقاً
للقانون الجديد ) لم يقم فيه المقرض بتنفيذ التزامه ( [1] ) . وفي الحالين يسقط
التزام من أمضى السند ، لا لانعدام السبب ، بل لعدم انعقاد القرض أو
لعدم تنفيذ الالتزام المقابل .
أما إذا أمضى شخص سند مجاملة لدائن صوري ، فإن
قواعد الصورية هنا تكفي وتغنينا عن نظرية السبب . فالسند الصوري .
والدين لا وجود له فيما بين الطرفين . أما بالنسبة إلى الغير ( حامل السند ) فيؤخذ
بالعقد الظاهر .
على إننا إذا تركنا هذه الأمثلة التفصيلية جانباً ،
واستعرضنا طوائف العقود المختلفة ، زدنا يقيناً أن السبب بالمعنى التقليدي
يسهل الاستغناء عنه .
فالالتزام في العقد الملزم للجانبين سببه ، كما
تقوم النظرية التقليدية ، الالتزام المقابل . ولكن ما أيسر علينا أن
نستبدل بفكرة السبب هذه فكرة الارتباط التي قال بها بلانيول . بل لعل فكرة
الارتباط من الناحية الفنية أدق من فكرة السبب . ذلك أن انعدام السبب جزاؤه
البطلان كما هو معروف ، فإذا انعدام السبب عند تكوين العقد أو بعد تكوينه كان
من الواجب أن يكون الجزاء واحداً في الحالتين . ولكننا نرى أن العقد يبطل في
الحالة الأولى ويفسخ في الحالة الثانية ، وفي هذا التفريق عيب فني واضح .
أما فكرة الارتباط فأكثر مرونة من فكرة السبب . وهي تسمح بان نقول بالبطلان
إذا انعدم أحد الالتزامين المتقابلين عند تكوين العقد ، إذ منطق الارتباط
يقضي بأن العقد لا يوجد . وتسمح فكرة الارتباط في الوقت ذاته أن نقول إن نقول
إن العقد ينقضي بعد وجوده – أن يفسخ – إذا انقطع أحد الالتزامين المتقابلين بعد أن
واجد .
أما في العقود العينية وفي التبرعات فالنظرية التقليدية
أقل تماسكاً . إذ تقول هذه النظرية إن العقد العيني سببه التسليم ، فإذا
لم يتم التسليم لم يقم الالتزام لانعدام سببه . ومن السهل هنا أن يقال إن
الالتزام لا يقوم ، لا لانعدام السبب ، بل لعدم انعقاد العقد العيني .
وتقول النظرية التقليدية إن السبب في التبرعات هو نية التبرع ، فإذا لم تكن
هذه النية موجودة لم يقم التزام المتبرع لانعدام السبب . ولكن متى ثبت أن
المتبرع قد رضى أن يتبرع ، فرضاؤه يتضمن حتمانية التبرع . فإذا تبين أن
هذه النية منعدمة ، فذلك لا يكون إلا لأن الرضاء بالتبرع منعدم ، وتكون
الهبة باطلة في هذه الحالة لانعدام الرضاء لا لانعدام السبب .
279 – كيف تستغنى عن السبب الصحيح:
ومن السهل أيضاً أن تستغني عن السبب الصحيح كما استغنينا
عن السبب الموجود . فالسبب غير الصحيح ، كما رأينا ، إما سبب موهوم
أو سبب صوري .
وإذا استعرضنا أمثلة السبب الموهوم ، وجدنا أنه
يمكن الاستغناء فيها جميعاً عن نظرية السبب بنظرية المحل . فالشخص غير الوارث
الذي يتخارج مع وارث يتعامل في حق معدوم . وهذا هو حال دائن التركة الذي يحصل
على إقرار بالدين بعد أن استوفاه ، وحال الموصي له الذي يتعامل في الموصى به
إذا كانت الوصية باطلة أو كان الموصى قد عدل عنها ، وحال الدائن الذي يجدد
ديناً قديماً بعد أن يستوفيه .
أما السبب الصوري فقد رأينا أنه لا يبطل العقد إلا إذا
كان يخفي سبباً موهوماً أو سبباً غير مشروع . وقد فرغنا من السبب الموهوم ،
فننتقل الآن إلى السبب غير المشروع .
280 – كيف تستغني عن نظرية السبب المشروع:
ومن السهل أن
نستغنى عن السبب المشروع في العقود الملزمة للجانبين بفكرة الارتباط التي قدمناها .
فمن يتعهد بارتكاب جريمة في مقابل مبلغ من النقود لا يقوم التزامه لعدم مشروعية
المحل ، وكذلك لا يقوم الالتزام المقابل لا لعدم مشروعية سببه بل لارتباطه
بالتزام غير مشروع . ومن يتعهد بعدم ارتكاب جريمة في مقابل مبلغ من النقود لا
يقوم التزامه لاستحالة المحل ، إذ هو لا يستطيع إنشاء التزام قد وجد بحكم
القانون قبل هذا الإنشاء ، وكذلك لا يقوم الالتزام المقابل لا لعدم مشروعية
سببه بل لارتباطه بالتزام مستحيل . والتوسيط الذي يتعهد بالنجاح في العثور
على زوج صالح في مقابل مبلغ من النقود قد تعهد بأمر غير مشروع لا يتفق مع الآداب ،
وكذلك لا يقوم الالتزام المقابل لا لعدم مشروعية سببه بل لارتباطه بالتزام غير
مشروع .
أما في العقود العينية والتبرعات ، فإن اشتراط
مشروعية السبب غير مفهوم . فالسبب في العقود العينية هو التسليم ، ولا
يتصور أن يكون التسليم غير مشروع إلا إذا وقع على محل غير مشروع ، وعند ذلك
لا ينعقد العقد لعدم مشروعية المحل لا لعدم مشروعية السبب . والسبب في
التبرعات هو نية التبرع ، وكيف يتصور أن يتكون نية التبرع في ذاتها غير
مشروعة ! إن وجه الاستحالة في ذلك هو الذي يفسر أن بعض أنصار النظرية التقليدية ،
ومنهم كابيتان ، يجنحون إلى اعتبار السبب في التبرعات هو الباعث الدافع إلى
التبرع . بل إن القانون الروماني ذاته يعتد بالباعث في الوصايا وبعض الهبات
كما أسلفنا .
281 – وجوب استبعاد النظرية التقليدية في أية صورة من صورها:
ويتبين مما
قدمناه ، أن النظرية التقليدية في السبب نظرية عقيمة . وهي نظرية يمكن
استبعادها دون أية خسارة تلحق القانون ، إذ يسهل تخريج جميع النتائج التي
يراد أن تترتب عليها وذلك بالرجوع إلى أساس قانونين آخر لا علاقة له بالسبب .
ويستوى في ذلك أن تكون النظرية التقليدية كما هي على
أصلها ، أو أن تكون محورة على النحو الذي يقول به كابيتان . وهناك من
الفقهاء من يستبقى النظرية التقليدية ، ويقصرها على السبب في الالتزام ،
ويضع إلى جانبها نظرية القضاء ، ويجعلها في العقد لا في الالتزام ،
وبذلك تمكن المقابلة بين السبب في الالتزام والباعث في العقد ( [2] ) . فهذه صور ثلاث
للنظريات التقليدية .
وفي أية صورة من هذه الصور الثلاث لا نرى للنظرية
التقليدية نفعاً يخول لها حق البقاء ، إذ يمكن الاستغناء عنها كما رأينا أياً
كان الثقوب الذي تلبسه . وما هي إلا اثر من آثار الصياغة الرومانية القديمة ،
وقد زالت مقتضيات هذه الصياغة ، فوجب أن تزول معها . ووجب في الوقت الذي
تنبذ فيه النظرية التقليدية ألا تنبذ فكرة السبب في ذاتها ، على أن تكون هي
الفكرة الخصبة المنتجة التي تقوم على الباعث الدافع إلى التعاقد ، وهي
النظرية التي قال بها القضاء الفرنسي . وننتقل الآن إليها .
2 -الأخذ بالنظرية الحديثة آلتي تقوم على الباعث الدافع إلى التعاقد
282 – السبب هو الباعث الدافع إلى التعاقد:
لم تستطع
النظرية التقليدية أن تواجه الحياة العملية ولم يستطع القضاء وهو الذي يعيش في
غمار العمل أن ينتفع بها . لذلك لم يلبث القضاء الفرنسي أن خرج عليها خروجاً
صريحاً ، فكسر الحواجز التي إقامتها هذه النظرية ما بين السبب والباعث ،
وخلط بينهما خلطاً تاماً ، لا في التبرعات فحسب ، بل فيها وفي سائر
العقود . وقد اكسب القضاء نظرية السبب بهذا المنهج مرونة لم تكن لها ،
وأصبحت النظرية في يده منتجة نافعة لا غنى عنها ( [3] ) .
فالسبب في نظر القضاء هو الباعث الدافع الموجه ( mobile impulsive et déterminant ) للملتزم
في أن يلتزم . وما دامت الإرادة قد أصبحت حرة طليقة في أن تنشيء ما تشاء من
الالتزامات ، وما دامت الإرادة لا بد لها من باعث يدفعها ، فلا أقل من
أن يشترط القانون أن يكون هذا الباعث مشروعاً ، وأن يكون الغرض الذي ترمي
الإرادة إلى تحقيقه غرضاً لا يحرمه القانون ولا يتعارض مع النظام العام ولا يتنافى
مع الآداب . وبواعث الإرادة كثيرة متنوعة ، منها الدافع وغير الدافع ،
ومنها الرئيسي وغير الرئيسي ، فالباعث الدافع الرئيسي هو الذي يعتد به ،
ومتى أمكن الكشف عنه وجب الوقوف عنده ، إذ يكون هو السبب . بهذا المنطق
الصحيح شق القضاء طريقه إلى النظرية الحديثة ( [4] ) ، وساير الفقه الحديث
القضاء في هذا الطريق ( [5] ) .
وها نحن رجعنا ، بفضل ما عند القضاء من إحساس عملي ،
إلى نظرية الفقهاء الكنسيين في السبب . وهي النظرية الخصبة المنتجة التي
انحرف عنها دوما إلى النظرية التقليدية ، فكان هذا الانحراف سبباً في كل ما
أحاط نظرية السبب من اضطراب وما أصابها من عقم طوال القرون الماضية ( [6] ) .
283 – مرونة الباعث وكيف ينضبط:
والباعث
بالتحديد الذي أسلفناه أكثر مرونة من السبب في النظرية التقليدية . ويكفي أن
نعود إلى خصائص السبب ، نضعها إلى جانب خصائص الباعث ، لنرى النقيض إلى
جانب النقيض . فقد قدمنا أن السبب معياره موضوعي وهو داخل في العقد لا يتغير
في النوع الواحد من العقود ، أما الباعث فمعياره ذاتي وهو خارج عن العقد
ويتغير من عقد إلى عقد بتغير المتعاقدين وما يدفعهم من البواعث . وما دام
الباعث على هذا القدر من الذاتية والانفصال والتغير ، كان من الواجب أن ينظر
كيف ينضبط ، حتى لا يكون مثاراً للتزعزع والقلقلة في التعامل .
ولا يجوز بداهة أن يعتد بالباعث الذي دفع أحد المتعاقدين
إلى التعاقد إذا كان هذا الباعث مجهولا من المتعاقد الآخر ، وإلا استطاع أي
متعاقد أن يتخلص من التزاماته بدعوى أن الباعث له على التعاقد – وهو أمر مستكن في
خفايا الضمير – من شأنه أن يجعل العقد باطلا . فلا بد إذن من صلة وثيقة تربط
كلا من المتعاقدين بالباعث ، ولا بد من ضابط يرجع إليه في ذلك . وقد
رأينا مثل هذا في الغلط .
فما هو هذا الضابط ؟ أيكفي أن يكون الباعث معلوماً من
الطرف الآخر ؟ أو يجب أن يكون متفقاً عليه بين المتعاقدين ؟ أو يصح التوسط بين
هذين الحدين ، فيشترط أن يكون الطرف الآخر مساهما في الباعث الذي دفع الطرف
الأول إلى التعاقد ، دون أن يصل إلى حد الاتفاق معه عليه ، ودون أن يقف
عند حد مجرد العلم به ؟
ونأتي بمثل يوضح هذه المراتب المتدرجة . شخص يقترض
نقوداً من آخر ليقامر بها . فالمقرض قد يجهل الغرض الذي أخذ المقترض النقود
من اجله ، وفي هذه الحالة لا يعتد بالباعث الذي دفع المقترض إلى التعاقد (
[7] ) . وقد يكون المقرض
صديقاً للمقترض ، عالماً بغرضه ، دون أن يقصد بالاقراض تمكين المقترض من
الماقمرة ، وهذه هي مرتبة العلم . وقد يكون المقرض مرابياً يستثمر ماله
في اقراض المقامرين ، فيكون قد قصد إلى تمكين المقترض من الماقمرة ،
وهذه هي مرتبة المساهمة . وقد يكون المقرض هو الشخص الآخر الذي يقامر المقترض
معه . فيتفقان على القرض للاستمرار في المقارمة ، وهذه هي مرتبة الاتفاق .
فاية مرتبة من هذه المراتب الثلاث يتطلبها القانون حتى يعتد بالباعث ؟
رأينا كابيتان يقول بوجوب الوصول إلى مرتبة الاتفاق ،
فلا يعتد بالباعث إلا إذا كان متفقاً عليه بين المتعاقدين ، والاتفاق وحده في
نظر كابيتان هو الذي يدخل الباعث في دائرة التعاقد ( dans le champ contractual ) ( [8] ) . ولا شك في أن
الفقيه الفرنسي الكبير قد اقترب بهذا القول من النظرية الحديثة في السبب ،
ولكن دون أن يدخل في نطاقها ، فإن احداً من أنصار النظرية الحديثة لا يشترط
وجوب الاتفاق على الباعث فيما بين المتعاقدين . وإنما هم منقسمون بين مرتبة
العلم ومرتبة المساهمة .
أما القضاء الفرنسي فيكتفي بمرتبة العلم ، ويعتد
بالباعث الذي دفع المتعاقد إلى التعاقد ، ما دام المتعاقد الآخر يعلم أو
يستطيع أن يعلم بهذا الباعث ، كما هي الحال في الغلط . وسنرى بعد قليل
تطبيقات مختلفة للقضاء الفرنسي تدور كلها في هذا النطاق .
والفقه يميز بين المعاوضات والتبرعات ، فيتطلب في
الأولى مرتبة أعلى . ولكن الفقهاء يختلفون في تحديد هذه المرتبة .
فيذهب جويران إلى أنه يكفي أن يكون الباعث في المعاوضات
معلوماً من المتعاقد الآخر ، حتى يكون في هذا وقاية للتعامل من أن يتزعزع .
أما في التبرعات فإن الإرادة التي نقف عندها هي إرادة المتبرع وحده ، فهي
الإرادة التي تسيطر على التصرف ، سواء في ذلك أن يتم التبرع بتقابل إرادتين
كالهبة أو بإرادة واحدة كالوصية . وهو لذلك يعتد بالباعث الذي دفع المتبرع
إلى تبرعه ، سواء كان معلوماً من الطرف الآخر أو كان مجهولا منه ( [9] ) .
ويذهب بواجيزان ( Bois - Juzan ) إلى وجوب الوصول إلى مرتبة
المساهمة في المعاوضات والاكتفاء بمرتبة العلم في التبرعات . ذلك أن
المعاوضات تختلف عن التبرعات في أن الأولى بذل فيها كل من المتعاوضين شيئاً من
عنده ، فإرادة كل منهما تقوم بدور أساسي في تكوين العقد . ومن ثم وجب أن
تساهم كل إرادة من هاتين الإرادتين في الباعث الذي دفع إلى التعاقد مساهمة ايجابية ،
وأن تتعاون الارادتان معاً في تحقيق الغرض غير المشروع . أما في التبرعات
فإرادة المتبرع وحدها هي الأساسية ، إذ المتبرع وحده هو الذي بذل . ومن
ثم جاز الاقتصار على هذه المرتبة السلبية وهي مرتبة العلم ، فهي كافية
لاستقرار التعامل ( [10] ) .
وإذا كان الذي يعنينا في انضباط معيار الباعث هو استقرار
التعامل ، فالقضاء الفرنسي على حق فيما ذهب إليه من الاكتفاء بمرتبة العلم ،
سواء كان التصرف تبرعاً أو معاوضة .
284 – تطبيقات مقتبسة من القضاء الفرنسي:
نستعرض القضاء الفرنسي بعض تطبيقات للسبب مفهوماً بمعنى
الباعث الذي دفع إلى التعاقد ، مرجئين القضاء المصري إلى حين الكلام في نظرية
السبب في القانون المدني الجديد . ونتبع في هذا الاستعراض التقسيم الثلاثي
المعروف للتصرفات إلى عقود ملزمة للجانبين وعقود عينية وتبرعات .
ففي العقود الملزمة للجانبين ، كثيراً ما يبطل
القضاء في فرنسا عقوداً يكون الباعث إلى التعاقد فيها غير مشروع ، وإن كان
السبب ، بالمعنى الذي تقول به النظرية التقليدية ، مشروعاً في هذه
العقود . فالبيع أو الإيجار ، إذا وقع أي منهما على منزل يريد المشتري
أو المستأجر إدارته للعهارة ، وكان البائع أو المؤجر عالماً بقصد المشتري أو
المستأجر ، يكون باطلا طبقاً لأحكام القضاء الفرنسي . وقد أراد بعض
الفقهاء التمييز بين فرضين : ( 19 منزل معد للعهارة يباع أو يؤجر بعد اعداده ،
فيعتبر متجراً ( fonds de
commerce ) لا مجرد مكان ، وفي هذه الحالة يكون البيع أو الإيجار
باطلا لعدم مشروعية السبب وعدم مشروعية المحل معاً . ( 2 ) ومنزل يباع أو
يؤجر قبل أن يعد للعهارة ، باعتبار أنه مكان لا متجر منه ولو كان قصد المشتري
أو المستأجر أن يديره للعهارة ، وفي هذه الحالة لا يكون العقد باطلا طبقاً
للنظرية التقليدية التي تميز بين السبب والباعث ( [11] ) . ولكن القضاء
الفرنسي لمي أخذ بهذا التمييز ، فهو يبطل العقد في الفرضين ، جاعلا
السبب هو الباعث ، جرياً على النظرية التي يأخذ بها ( [12] ) . ويفعل القضاء
الفرنسي ذلك أيضاً في الإمكان الآتي تدار للمقامرة ، فبيع أو إيجار مبنى يراد
به أن يكون مكاناً للمقامرة باطل ( [13] ) .
وفي العقود العينية ، يبطل القضاء الفرنسي قرضاً
يكون قصد المقترض منه أن يتمكن من المقامرة ويكون المقرض عالماً بهذا القصد ،
سواء كان مشتركا معه في المقامرة أو لم يكن ، وسواء كان يفيد من هذه المقامرة
أو لم يكن يفيد ( [14] ) . ويبطل القرض
أيضاً إذا كان الغرض منه أن يتمكن المقترض من الحصول على منزل يديره للعهارة (
[15] ) . أو أن يستبقى
صلات غير شريفة تربطه بخليلة له ( [16] ) . وكالقرض رهن
الحيازة ( [17]
) .
أما في التبرعات فقد كان القضاء الفرنسي اشد إمعاناً في
جعل الباعث هو السبب . ولم يقف عند نية التبرع ، بل اعتد بالباعث على
التبرع ، ونقب عن العوامل النفسية التي دفعت المتبرع إلى التجرد عن ماله دون
مقابل ، أكان يريد الخير في ذاته ، أم يريد مصلحة خاصة مشروعة ، أم
يرمى إلى غرض غير مشروع . فإذا تبين أن الباعث الذي دفع إلى التبرع غير شريف
أو غير مشروع أبطل التبرع . والتطبيقات على هذا المبدأ كثيرة متنوعة نذكر
أهمها : ( أولاً ) التبرع لولد غير شرعي : يقضي بالقانون المدني الفرنسي بان يكون
نصيب الولد غير الشرعي في مال أبويه ، تبرعاً أو ميراثاً ، محصوراً في
حدود ضيقة . فإذا زاد التبرع على الحد المفروض كان الإنقاص إلى هذا الحد
واجباً .
أما إذا كانت البنوة غير الشرعية ليست ثابتة قانوناً ،
فالتبرع جائز ولو زاد على الحد ، ما دام لم يثبت أن التبرع قد كان لولد غير
شرعي . ولكن القضاء الفرنسي يبطل التبرع إذا ظهر أن الباعث للمتبرع على تبرعه
هي علاقة بنوة غير شرعية ، فيجعل الباعث هو السبب ، ولا يكتفي بإنقاص
التبرع إلى الحد الجائز ، بل يبطله جميعه ( [18] ) . ( ثانياً ) تبرع
الخليل لخليلته : ويبطل القضاء الفرنسي تبرع الخليل لخليته إذا ثبت أن الباعث على
هذا التبرع قد كان لإيجاد هذه العلاقة غير الشريفة أو لاستبقائها أو لإعادتها (
[19] ) . أما إذا كان
الباعث على التبرع إنما هو تعويض الخليلة عما أصابها من الضرر بسبب هذه المعاشرة
غير الشرعية بعد أن انقطعت ، فالباعث يكون مشروعاً والتبرع يكون صحيحاً ،
بل هو في الواقع يعتبر وفاء الالتزام طبيعي ( [20] ) . وقد سبق بيان
ذلك عند الكلام في محل الالتزام المخالف للآداب . ( ثالثاً ) تبرع الزوج
لزوجته حتى يحملها على أن تنفصل عنه انفصالا ودياً : انفصال الزوجة عن زوجها ( séparation des corps ) في
القانون الفرنسي لا يكون إلا بعد إتباع إجراءات خاصة ، نص عليها هذا القانون ،
أو يكون بالطلاق . وفيما عدا هاتين الحالتين فالاتفاق ما بين الزوجين على أن
ينفصل أحدهما عن الآخر ( séparation de
fait ) دون إتباع الإجراءات المرسومة لذلك يكون غير مشروع . فإذا
تبرع الزوج لزوجته حتى يحملها على الرضاء بهذا الانفصال الودي يكون سبب تبرعه ،
أو الباعث عليه ، غير مشروع ، ويبطل التبرع ( [21] ) . ( رابعاً ) التبرع
المقرون بشرط : إذا اقترن التبرع بشرط غير مشروع ، بطل الشرط ، وبقى
التبرع ، وهذا ما تنص عليه المادة 900 من القانون المدني الفرنسي . إلا
أن القضاء الفرنسي قد من هذا الحكم بفضل نظريته في السبب . فقد ميز في الشرط
الذي يقترن به التبرع بين شرط دافع وشرط غير دافع ، فالثاني وحده هو الذي
يطبق عليه نص المادة 900 ويبطل إذا كان غير مشروع مع بقاء التبرع قائماً .
أما الشرط الدافع إلى التبرع ، أي الباعث على هذا التبرع ، فقد اعتبره
القضاء سبباً لالتزام المتبرع ، ويترتب على ذلك أنه إذا كان غير مشروع ،
فإن التبرع جميعه يكون باطلا ، ولا يقتصر الأمر على بطلان الشرط ( [22] ) .
3
–
التصرف المجرد ( L'acte
abstrait )
285 – التصرف المسبب والتصرف المجرد:
قدمنا أن السبب ركن من أركان الالتزام ، لا يقوم
الالتزام إلا به ، على فرق ما بين معنى السبب في النظرية التقليدية ومعناه في
النظرية الحديثة . وقد كان القانون الروماني لا يعتد بالسبب ولا بالإرادة
ذاتها في العقود الشكلية . ثم انتصر مذهب الرضائية في القرون الوسطى على يد
الكنسيين ، فأصبحت الإرادة وحدها – مجردة من الشكل – ملزمة . ولكن
الإرادة إذا كانت من جهة قد تجردت من الشكل فتحللت من هذا القيد ، فهي من جهة
أخرى قد اقترنت بالسبب فاستبدلت قيد السبب بقيد الشكل .
أما الإرادة مجردة من الشكل ومن السبب معاً فلا يمكن أن
يسلم بها كقاعدة في قوانين تأخذ بالإرادة الباطنة كالقوانين اللاتينية . فإن
الأخذ بالإرادة الباطنة معناه أن تحرر الإرادة من عيوبها وأن تقترن بسببها .
ولكن الأخذ بالإرادة الظاهرة يجعل من اليسير أن تباعد ما بينها وبين الإرادة
الباطنة ، فتتجرد الإرادة الظاهرة من عيوب الإرادة الباطنة كما تتجرد من السبب
الذي حرك هذه الإرادة ، ولا يبقى في مجال التعامل إلا هذه الإرادة الظاهرة
المجردة ، وهذا ما يسمى بالتصرف المجرد .
وهناك فائدة كبيرة من تجريد الإرادة الظاهرة على هذا
النحو ، إذ بهذا التجريد يصبح التصرف غير قابل للإبطال لا من طريق عيوب
الإرادة ولا من طريق عيوب السبب . فالدائن في التصرف المجرد يستطيع أن يتمسك
بحقه دون أن يستطيع المدين الدفع بإبطال التصرف لعيب في الإرادة أو لعيب في السبب .
وكل ما يستطيع المدين هو أن يرجع بدعوى الإثراء على دائنه ، فيدفع دعواه إذا
لم يكن قد وفى الدين ، أو يسترد ما دفع إذا كان قد وفى . ومن ثم يكون
التصرف المجرد أداة قوية من أدوات الائتمان ، تشتد حاجة التعامل إليها كلما
اشتدت الحاجة إلى الاستقرار . وإذا كان التعامل بتنازعه عاملان ، عامل
احترام الإرادة وعامل الاستقرار ، فإن التصرف المسبب يستجيب للعامل الأول ،
ويستجيب التصرف المجرد للعامل الثاني . ومنذ انتكصت الشكلية في العقود وساد
مذهب الرضائية ، انتصر عامل الإرادة على عامل الاستقرار ، ولم يستطع
عامل الاستقرار أن يسترد ما فقد إلا بظهور التصرف المجرد ففيه ينتصر على الإرادة
كما رأينا . ومن هنا كان تطور العقد من تصرف شكلي إلى تصرف رضائي ، ثم
من تصرف رضائي إلى تصرف مجرد ، تطوراً تعاقب فيه عاملا الاستقرار والإرادة
على مراحل متتابعة ، كان الظفر في كل مرحلة منها لأحد العاملين على الآخر .
ومن هنا أيضاً كان التصرف المجرد رجوعاً مهذباً إلى التصرف الشكلي ، كلاهما
يستجيب لعامل الاستقرار ، ولكن التصرف الشكلي يستجيب إليه في جمعية بدائية ،
ويستجيب إليه التصرف المجرد في جمعية متحضرة .
على أن التصرف المجرد – على شدة الحاجة إليه في استقرار
التعامل وبخاصة إذا تقدمت التجارة وتشعبت سبلها واحتيج إلى أدوات ائتمان ثابتة –
لم يظفر من القوانين اللاتينية ، وهي التي تأخذ بالإرادة الباطنة ، إلا
بمكان ضيق محدود . وعلى النقيض من ذلك ظفر التصرف المجرد في القوانين
الجرمانية ، وهي التي تأخذ بالإرادة الظاهرة ، بمكان رحب سما فيه إلى
مرتبة القاعدة . ولا غرابة في ذلك ، فقد بينا أن التصرف المجرد يتمشى مع
الإرادة الظاهرة التي تأخذ بها القوانين الجرمانية ( [23] ) . ويتعارض مع
الإرادة الباطنة التي تأخذ بها القوانين اللاتينية .
ويبقى أن نستعرض حظ التصرف المجرد في كل من القوانين
الجرمانية والقوانين اللاتينية ويدخل القانون المصري في هذه القوانين الأخيرة .
286 – التصرف المجرد في القوانين الجرمانية:
لا نجد في
التقنينات الجرمانية نصوصاً تعرض لنظرية السبب عرضاً مباشراً كما تفعل التقنينات
اللاتينية . فالتقنين النمساوي لا يشير إلى السبب إلا في المادة 901 ليقرر أن
الباعث لا اثر له في صحة عقود المعاوضات إلا إذا جعل منه المتعاقدان شرطاً صريحاً
لصحة العقد . والتقنين الألماني لا يعرض للنظرية بنص صريح . وتقنين
الالتزامات السويسري لا يعرض لها إلا في صورة عرضية عندما ينص في المادة 17 على أن
الاعتراف بالدين صحيح حتى لو لم يذكر سببه . ويعلل ذلك عادة بان هذه
التقنينات تأثرت بالقانون الروماني ، وهذا القانون كما رأينا لا يفسح مجالا
واسعاً لنظرية السبب إذ أن فكرة السبب فيه فكرة مادية لا تتبين لها نتائج علية إلا
في نطاق محدود ، وبخاصة في نطاق دعاوي الإثراء . ولكن بالرغم من أن هذه
التقنينات لا تنص على نظرية السبب نرى التصرفات فيها نوعين : النوع الأول هو
التصرفات المسببة ( Kausale
Rechtsgeschaefte ) وهي اغلب التصرفات المدنية
وفيها السبب ركن يجب أن تتوافر فيه شروطه المعروفة فيكون صحيحاً مشروعاً ،
والنوع الثاني هو التصرفات المجردة ( Abstrakte Rechtsgeschaefte ) لا يعتد
فيها بالسبب ولا بعيوب الإرادة وقد وضعت لها قواعد عامة سيأتي بيانها .
فالسبب لا يزال إذن موجوداً في القوانين الجرمانية ،
ولكنه سبب بالمعنى المفهوم في النظرية التقليدية يراد به الغرض الموضوعي المباشر
من التعاقد تمييزاً له عن الباعث ، ويشترط فيه أن يكون صحيحاً مشروعاً وإلا
بطل العقد . أما الباعث فلا اثر له في صحة العقد ولو كان هو الذي دفع إلى
التعاقد ( [24]
) .
وإلى جانب التصرفات المسببة توجد التصرفات المجردة ،
وقد أفسح لها مجال واسع كما قدمنا . وهي طائفتان : طائفة عقود انتقال الملكية
وطائفة العقود المنشئة للالتزامات .
فالأولى تنتقل بها الملكية – والحق العيني بوجه عام –
دون اعتبار للسبب . ذلك أن الملكية في هذه التقنينات لا تنتقل بمجرد نشوء
الالتزامات بنقلها ، بل لا بد من تنفيذ هذا الالتزام بطريق عقد آخر هو عقد
انتقال الملكية ، فيذهب المتعاقدان إلى المكتب العقاري ويعلنان اتفاقهما
ويسجلان هذا الاتفاق في السجل العقاري ( Livre Foncier ) . وعقد
انتقال الملكية ، في القانون الألماني بنوع خاص ، عقد مجرد ، تنتقل
به الملكية سواء كان العقد المنشيء للالتزام بنقلها صحيحاً أو معيباً . وإذا
أتضح بعد ذلك أن العقد كان معيباً وأن الملكية انتقلت دون سبب ، فليس لمن خرج
عنها إلا الرجوع بدعوى شخصية على من تلقاها هي دعوى الإثراء بلا سبب . وبذلك
يتوافر لهذا العقد مزية الاستقرار والثبات . فما على الشخص حتى يثبت أنه
يتعامل مع مالك العقار إلا أن يرجع إلى السجل العقار ، فمن كان اسمه مسجلا
فيه كان هو المالك ، ولو كان في ذلك تضحية للمالك الحقيقي – أما التقنين
السويسري فلا يمحي الغير الذي اعتمد على السجل العقاري إلا إذا كان حسن النية ( م
973 من التقنين المدني السوري ) . ومن ثم نرى أن التجريد يحتمل التدرج .
وتأييداً لذلك نسوق مثلا آخر نأتي به من القانون المصري . فقد قضت المادة 15
من قانون رقم 114 لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري بوجوب تسجيل دعاوي استحقاق
أي حق من الحقوق العينية أو التأشير بها ، ويترتب على هذا التسجيل أو التأشير
أن حق المدعى إذا تقرر بحكم يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ
تسجيل الدعاوى أو التأشير بها ، ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب
حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليهما . ويتبين من ذلك أن من
يتعامل مع غير المالك في عقار وهو حسن النية ، ويسجل عقده قبل أن يسجل المالك
دعوى الاستحقاق ، يفضل على المالك وتخلص له ملكية العقار . والقاعدة كما
نرى تنطوي على ضرب من التجريد .
والطائفة الأخرى من التصرفات المجردة عقود منشئة
للالتزامات . وتشمل : ( أولاً ) حالات معينة بذاتها ، منصوصاً عليها .
وهي – عدا الأوراق التجارية والسندات – حوالة الحق وحوالة الدين والتنازل عن الحق
الشخصي والإنابة في الوفاء . وفي هذه الحالات يكون العقد مجرداً على النحو
الذي رأيناه في عقود انتقال الملكية . فيتم نقل الحق أو الدين ويتحقق التنازل
عن الحق الشخصي دون اعتبار للسبب في هذه الحوالة أو في هذا التنازل ، فإذا
تبين أن السبب غير موجود أو غير مشروع فليس ثمة إلا الرجوع بدعوى الإثراء .
كذلك التزام المناب للمناب لديه بالوفاء التزام مجرد عن السبب ، فلا يستطيع
المناب أن يحتج على المناب لديه بما كان له أن يحتج به من دفوع ضد المنيب ( أنظر
في التقنين الألماني : م 398 و م 413 لحوالة الحق ، وم 414 وما بعدها لحوالة
الدين ، وم 397 للتنازل عن الحق الشخصي ، وم 784 للانابة في الوفاء –
وانظر في تقنين الالتزامات السويسري : م 164 وما بعدها لحوالة الحق ، وم 179
فقرة ثالثة لحوالة الدين ، وم 115 للتنازل عن الحق الشخصي ، وم 468
للانابة في الوفاء ) . ( ثانياً ) التعهد المجرد بالوفاء ( promesse abstraite de payer ) والاعتراف
المجرد بالدين ( reconnaissance
abstraite de dette ) ، وهما الصورتان العامتان
للتصرف المجرد . فتضع التقنينات الجرمانية هنا قاعدة عامة للتصرف المجرد ،
وتجيز أن يتفق الدائن مع مدينه على أن يكون التزام المدين أو اعترافه بالدين
مجرداً . فيوجد الالتزام في ذمته منفصلا عن السبب ، ويقوم هذا الالتزام
حتى لو كان السبب غير موجود أو غير مشروع . وليس للمدين إلا دعوى الإثراء
إزاء الدائن إذا تبين أن التزامه لم يكن مبنياً على سبب صحيح ، فيتخلص بذلك
من التزام موجود أو يسترد ما دفعه وفاء لهذا الالتزام ( [25] ) . واشترطت المادة
780 من التقنين الألماني لصحة الالتزام المجرد أن يكون في ورقة مكتوبة ، إلا
إذا كان تصفية لحساب أو عن صلح فلا تشترط الكتابة زولا يشترط تقنين الالتزامات
السويسري الكتابة إطلاقاً ( م 17 ) ( [26] ) .
287 -التصرف المجرد في
القوانين اللاتينية وفي القانون المصري:
أما القوانين
اللاتينية ، وهي مشبعة بنظرية السبب كما رأينا ، فلا تسلم بالتصرف
المجرد . أو هي على الأقل لا تضع له قاعدة عامة كما فعلت التقنينات الجرمانية .
وإذا كان هناك نص في كل من القانونين المصري والفرنسي يقضي بقيام الالتزام ولو لم
يذكر سببه ( م 137 من القانون المصري الجديد و م 1132 من القانون الفرنسي ) ،
فسنرى أن هذا النص لا يعرض إلا لمسالة من مسائل الإثبات ليلقى عبء الإثبات في
السبب على عاتق المدين . وهناك فرق بين التزام مسبب ، يلقى على المدين
فيه عبء إثبات انعدام السبب ، والتزام مجرد عن السبب . فالالتزام الأول ،
إذا اثبت المدين أنه لا يقوم على سبب مشروع ، يكون العقد فيه باطلا .
أما في الالتزام الثاني ، وهو الالتزام المجرد ، فيبقى العقد صحيحاً حتى
لو اثبت المدين انعدام السبب أو عدم مشروعيته ، وليس أمام هذا إلا دعوى
الإثراء كما سبق القول .
فالالتزام في القوانين اللاتينية هو إذن التزام مسبب .
على أن هذه القوانين تقر الالتزام المجرد في حالات معينة منصوص عليها بذاتها ،
وهي قليلة العدد . وقد نص القانون التجاري – حيث تشتد الحاجة للالتزام المجرد
لاستقرار التعامل وسرعته – على عدد منها ، هي الكمبيالات والسندات تحت الإذن
والسندات لحاملها . أما القانون المدني فقد نص على حالتين : التزام المناسب
في الوفاء نحو المناب لديه والتزام الكفيل نحو الدائن .
ونقتصر هنا على ما ورد في هذا الصدد في القانون المدني
المصري الجديد . فقد نصت المادة 361 على أن " يكون التزام المناب قبل
المناب لديه صحيحاً ولو كان التزامه قبل المنيب باطلا أو كان هذا الالتزام خاضعاً
لدفع من الدفوع ، ولا يبقى للمناب إلا حق الرجوع على المنيب . كل هذا ما
لم يوجد اتفاق يقضي بغيره " ( [27] ) . أما في الكفالة
فللكفيل أن يتمسك بجميع الأوجه التي حتج بها المدين ( م 782 مصري جديد ) ، ولكن
التزام الكفيل نحو الدائن التزام مجرد لا يتأثر بالعلاقة مابين الكفيل والمدين ،
ولا يجوز للكفيل أن يتمسك ضد الدائن بالدفوع التي له أن يتمسك بها ضد المدين .
فإذا كفل الكفيل المدين في نظير أن يوفى المدين ديناً آخر عليه مضموناً برهن يثقل
عقار الكفيل ، ولم يوف المدين بهذا الدين الآخر ، فإن التزام الكفيل نحو
الدائن يبقى قائماً ، ولا يجوز للكفيل أن يدفع دعوى الدائن بان المدين لم يوف
بما تعهد به من تخليص عقار الكفيل من الرهن ( [28] ) .
ويتبين مما قدمناه أن القانون المصري قد انحاز انحيازاً
تاماً إلى القوانين اللاتينية ، وبقى في حظيرتها كما أسلفنا الإشارة .
فاشترط في التصرفات أن تكون مسببة ، ولم يسلم بالتصرف المجرد إلا في حالات
معينة بذواتها ( [29] ) .
( [1] ) ويعتبر القرض في هذه الحالة عقداً
ملزماً للجانبين ، يلتزم به المقرض أن يسلم للمقترض مبلغ القرض ، ويلتزم
به المقرض أن يرد هذا المبلغ للمقرض . فهناك ارتباط ظاهر بين الالتزامين ،
وسنرى أن فكرة الارتباط في العقود الملزمة للجانبين تغني عن فكرة السبب .
فإذا لم ينفذ المقرض التزامه ، سقط التزام المقترض لما يوجد من ارتباط بين
الالتزامين .
( [6] ) وليست نظرية الباعث خصبة فحسب في نطاق
القانون المدني والقانون الخاص بوجه عام ، بل هي أيضاً خصبة في نطاق القانون
العام . . فنظرية التعسف في استعمال السلطة في القانون الإداري – وهي
التي بنى على غرارها نظرية التعسف في استعمال الحق في القانون المدني – إنما هي
تطبيق لفكرة الباعث . فإذا كان الباعث للموظف الذي صدر منه القرار الإداري
غير مشروع ، كان القرار باطلا للتعسف في استعمال السلطة .
وكما جاز أن يقال بالتعسف في استعمال السلطة الإدارية
تطبيقاً لفكرة الباعث ، إلا يجوز أن يقال بالتعسف في استعمال السلطة
التشريعية تطبيقاً للفكرة ذاتها ؟ فلا يكون العيب في التشريع أن يكون مخالفاً
للدستور فحسب ، كما يخالف القرار الإداري القانون ، بل يجوز ايضاً أن
يكون التشريع منطوياً على تعسف إذا هو مثلا مس حقوقاً مكتسبة لا ينبغي أن تمس ،
أو إذا كان تحت ستار أن ه قاعدة عامة مجردة لم يتناول في الواقع إلا حالة فردية
ذاتية ؟ هذا أمر نكتفي بالإشارة إليه ، فليس هنا مكان البحث فيه .
( [12] ) أنظر كتاب الإيجار للمؤلف فقرة 113 ص
157 – وانظر أيضاً كابيتان في السبب فقرة 110 – ومن الأحكام الفرنسية التي قضت
ببطلان عقد الإيجار إذا كان المستأجر قد قصد إدارة العين المؤجرة للعهارة : محكمة
ليون الإستئنافية في 11 يولية سنة 1862 سيريه 63 – 2 – 165 – محكمة باريس
الإستئنافية في 26 ديسمبر سنة 1899 جازيت دي باليه 1900 – 1 – 132 . وهناك
أحكام قضت ببطلان عقد الاستخدام في محل يدار للعهارة : عمحكمة النقض الفرنسية في
11 نوفمبر سنة 1890 داللوز 91 – 1 – 484 . وأحكام قضت ببطلان عقد بيع مفروشات
لمحل يدار للعهارة : محكمة السين التجارية في أول مايو سنة 1888 جازيت دي باليه 88
– 1 – 797 . وأحكام قضت ببطلان بيع مشروبات اشتراها مرشح في الانتخاب
لتقديمها إلى الناخبين حتى يحملهم على انتخابه وكان بائع المشروبات يعرف قصد
المشتري : محكمة تارب ( Tarbes ) الابتدائية في 14 مارس سنة 1899 داللوز 1904 – 2 –
201 .
( [23] ) يفسر الدكتور أبو عافية – في رسالته "
التصرف المجرد " القاهرة سنة 1947 – التصرف المجرد علىاساس الإرادة الظاهرة .
وعنده أن التصرف المجرد هو التصرف الذي صح بغض النظر عن اختلاف الإرادة الظاهرة عن
الإرادة الباطنة ( فقرة 84 من الرسالة المشار إليها ) . ويرتب على ذلك أن التصرف
المجرد " نظام استثنائي خارج على القواعد العامةط ولا فرق في ذلك بين القانون
الألماني والقانونين المصري والفرنسي " ( فقرة 85 ) . ويرفض أن يكون المعيار
في التصرف المجرد هو تجرده عن السبب ، ويذهب إلى أن المعيار هو تجدر التصرف
عن الإرادة الباطنة ليتمحض إرادة ظاهرة .
ونلاحظ على هذا المذهب أن التصرف المجرد وهو يتجرد عن
الإرادة الباطنة يتجرد في الوقت ذاته عن السبب ، وذلك سواء اعتبر السبب
عنصراً مستقلا عن الإرادة الباطنة كما هي الحال في القوانين اللاتينية ، أو
اعتبر عنصراً غير مستقل عن الإرادة الباطنة وعد من مقومات هذه الإرادة كما هي
الحال في القانون الألماني . فالتصرف المجرد يتميز في جميع الأحوال بتجرده عن
السبب . على أن المذهب الذي يقول به الدكتور أبو عافية يضيف شيئاً جديداً ،
هو أن التصرف المجرد يتميز لا بتجرده عن السبب فحسب ، بل أيضاً بتجرده عن
الإرادة الباطنة ذاتها .
( [24] ) أنظر كابيتان في السبب فقرة 83 – فقرة
84 وبنوع خاص ص 181 – ص 182 . ويستعرض الدكتور أبو عافية في رسالته المشار
إليها ( فقرة 41 وما بعدها ) نظرية السبب في القانون الألماني من ناحيتي التصرف
المجرد ومبدأ الإثراء بلا سبب . فيبدأ بتحديد ما يسميه الألمان " الإضافة
إلى الذمة " ( Vermogenszuwendug ) ، وهي عبارة عن منفعة مالية أو
إثراء يتحقق لصالح شخصي بمقتضى عمل إرادي مشروع ( تصرف قانونين أو عمل مادي ) يصدر
من المفقتر . وسبب " الإضافة إلى الذمة " هو عبارة عن الغرض
المباشر الذي يرمي إلى تحقيه المضيف للذمة . ويحدد هذا السبب وفقاً للفقه
الألماني على أساس تقسيم ثلاث للسبب موروث عن دعاوي الإثراء في القانون الروماني ،
يكون السبب بمقتضاه إما الوفاء ( causa solvendi ) أو الادانة ( causa
credendi
) اوالتبرع ( causa donandi ) . والادانة هي التصرف بمقابل ، وهذا المقابل
إما أن يكون موضوعه استرداد ما أعطاه المضيف أو استرداد قيمته كما في القرض وفي
الوكالة ، وإما أن يكون موضوعه شيئاً آخر يحدد بالاتفاق كما في العقود
الملزمة للجانبين فالبائع يحصل على دين بالثمن في مقابل التزامه بنقل ملكية المبيع .
ولا يختلط سبب الإضافة إلى الذمة بالباعث عليها . ويلاحظ الفقهي الألماني فون
تور أنه " لا يجب الخلط بين السبب القانونين والاغرراض البعيدة التي يرمى
إليها المضيف ، أي البواعث ( Beweggrunde ) التي تدفعه إلى تنفيذ التزامه
أو إلى الحصول على مقابل أو إلى الهبة . فوراء كل سبب قانونين بواعث تختلف
باختلاف الأحوال . فالهبة مثلا قد تتم بناء على عطف أو بسبب الرأي العام ،
ولكن هذه البواعث لا تدخل في حسابنا كقاعدة عامة لتقدير وجود الإضافة ونتائجها
القانونية إلا إذا كانت قد اشترطت في التصرف القانونين " . وسنعود إلى
هذه المسألة مرة أخرى عند الكلام في الإثراء بلا سبب وتحديد معنى السبب في الإثراء
في القانون الألماني . ويكفينا هنا أن نشير إلى التقارب الواضح بين معنى
السبب في النظرية التقليدية ومعنى سبب الإضافة إلى الذمة في الفقه الألماني .
أنظر أيضاً في نظرية مادية للسبب في الفقه الإيطالي ،
على أساس أن السبب يرتبط بإرادة القانون لا بإرادة الأفراد وباعتبار أن لكل تصرف
وظيفة قانونية فهذه الوظيفة هي السبب ، إلى رسالة الدكتور أبو عافية المشار
إليها فقرة 36 .
( [26] ) أنظر في موضوع التصرف المجرد في
القوانين الجرمانية كابيتان في السبب فقرة 85 – فقرة 86 وفقرة 165 – فقرة 174 –
سالي في الالتزامات في القانون الاماني فقرة 260 – فقرة 266 – مذكرات الأستاذ ليفي
اولمان ص 361 – ص 364 – فيفورنو فقرة 128 – ديموج 1 فقرة 91 و 2 فقرة 847 .
ويربط ديموج نظرية الالتزام المجرد بنظرية الإرادة الظاهرة كما فعل الدكتور أبو
عافية في رسالته المشار إليها ، فما دمنا نأخذ بالإرادة الظاهرة كما هي فلا
شأن لنا بالغاية التي تسعى إليها هذه الإرادة ولا بالباعث الذي حركها ( نظرية
العقد للمؤلف فقرة 560 ) .
( [27] ) أنظر في هذا المعنى محكمة الاستئناف
المختلطة في 10 فبراير سنة 1931
م 43 ص 208 – وفي 4 يناير سنة 1933 م 45 ص 101 – وفي 17
مارس سنة 1936 م
48 ص 191 – وقارن حكما لمحكمة الاستئناف المختلطة في 25 مايو سنة 1939 م 51 ص 361 قصرت فيه هذه
القاعدة على الإنابة الكاملة دون الإنابة غير الكاملة ( وهي التي لا تنطوي على
تجديد الدين ) ، أما القانون الجديد فنصه هو كما رأينا عام مطلق لا يميز بين
الإنابة الكاملة والإنابة غير الكاملة . أنظر أيضاً الدكتور أبو عافية في
التصرف المجرد فقرة 62 .
ويذهب الدكتور أبو عافية ( التصرف المجرد فقرة 61 ) إلى
أن المناب لا يجوز له أيضاً أن يتمسك بالدفوع التي تكون للمنيب قبل المناب لديه ،
فلو دفع المنيب الدين للمناب لديه فإن هذا لا يمنع المناب لديه أن يطالب المناب
بالدين الذي التزم به ، ويرجع المنيب في هذه الحالة بدعوى الإثراء على المناب
الديه . ونرى ، مع محكمة الاستئناف المختلطة ( أول يدسمبر سنة 1925 م 38 ص 78 ) التي انتقد
الدكتور أبو عافية حكمها ، أن المنيب إذا دفع الدين للمناب لديه كان هذا
رجوعا في الإنابة يستطيع المناب أن يتمسك به ، فإذا طالب المناب لديه بعد ذلك
المناب بالدين ، جاز لهذا أن يدفع المطالبة بانقضاء الدين ، ولي في نص
المادة 361 من القانون الجديد ما يحول دون هذا الدفع . ولكن إذا حول المناب
لديه حقه قبل المناب إلى أجنبي ، بقى التزام المناب مجرداً بالنسبة إلى هذا
الأجنبي – ذلك أن التصرف المجرد إرادة ظاهرة تجردت عن الإرادة الحقيقية وعن السبب ،
وفقا لما يقضي به القانون لمصلحة يتواخها . فالقانون هو الذي يمسك بزمام
التجريد ، فلا يبيحه إلا لضرورة ، وبقدر هذه الضرورة . ومن ثم تدرج
التجريد تبعاً للقدر الذي تقتضيه الضرورة . وفي المثال السابق يزول التجريد
بالنسبة إلى المناب لديه لأن الضرورة لا تقتضيه ، ويبقى بالنسبة إلى الأجنبي
لأن الضرورة تستوجب بقاءه .
( [29] ) ويلاحظ أنا لشرائع التي تأخذ بالإرادة
الظاهرة يغلب إلا تفسح مجالا واسعا لنظرية السبب ، وتكون فكرة السبب عندها
فكرة مادية ، وتقر التصرف المجرد زراينا ذلك في القوانين الجرمانية ،
وتقول الآن كلمة موجوزة عن الشريعة الإسلامية وعن القانون الإنجليزي .
فالشريعة الإسلامية تأخذ بالإرادة الظاهرة إلى مدى بعيد .
ويظهر أن هذا هو الذي منع من تقدم نظرية السبب فيها مع إنها شريعة مشبعة بالروح
الدينية والخلقية كالقانون الكنسي الذي هو المصدر الأول لنظرية السبب الحديثة .
وإذا أمكن أن نستخلص من نصوص الفقه الإسلامي نظرية للسبب ، فهذه النظرية لا
يمكن إلا أن تكون نظرية مادية . ويستطيع الباحث أن يستخلص من نصوص الفقه
الإسلامي التمييز ما بين الغرض المباشر الذي قصد المتعاقدان الحصول عليه من العقد
وبين الباعث له على التعاقد . فالباعث لا اثر له في صحة العقد إلا إذا ذكر
صراحة وأصبح جزءاً من الاتفاق ( أنظر بحثاً في هذه المسألة في نظرية العقد للمؤلف
فقرة 562 ) .
والقانون الإنجليزي كالشريعة الإسلامية نظرية السبب فيه
نظرية مادية . والعقود عنده إما شكلية وهذه يكفي في صحتها الشكل وحده و وإما
رضائية وهذه لا بد فيها من وجود اعتبار ( considération ) وهو ما يقابل السبب بالمعنى
المفهوم من النظرية التقليدية ، أي السبب المادي الداخلي الذي لا يتغير من
ويختلف " الاعتبار " عن " السبب " في أمرين : ( 1 ) الفكرة في
الاعتبار ليست هي الغنم الذي حصل عليه الملتزم من وراء التزامه كما هو الأمر في
السبب ، بل هو الغرم الذي تحمله الدائن حتى يحصل على التزام المدين ( 2 ) نية
التبرع لا تصلح " اعتباراً " في القانون الإنجليزي وتصلح " سبباً "
في النظرية التقليدية . ومن هنا كانت عقود التبرع في القانون الإنجليزي شكلية
لخلوها من " الاعتبار " ( نظرية العقد للمؤلف فقرة 561 ) .
النظرية الحديثة في السبب
4/
5
بواسطة
Mostafa Attiya
ماذا يجول بخاطرك ؟ لاتتردد !! عبّر عن نفسك .بعض الكلمات ستتدفق وبعضها سيتعثر لكنها تسعدنا مهما كانت.