
بدأت التأمينات الشخصية، كالتضامن والكفالة ، في الظهور في المجتمعات
البدائية قبل ظهور التأمينات العينية . وكان لذلك سببان :
( السبب الأول ) أن التأمينات العينية تفترض حضارة أكثر تقدماً ، إذ
كان يسبقها تنظيم حق الملكية ، ثم تفريع الحقوق العينية الأخرى عن هذا الحق ، ثم
التمييز بين الحقوق العينية الأصلية والحقوق العينية التبعية إذ لم تكن التأمينات
العينية إلا حقوقاً عينية تبعية .
وهذا كله يفترض تقدماً في الحضارة ، وتنوعاً في
الحقوق . ولذلك تأخرت التأمينات العينية في الظهور عن التأمينات الشخصية ، إذ أن
هذه التأمينات الأخيرة لم تكن تفترض إلا أن تضم ذمة إلى ذمة أخرى على قدم المساواة
أو على التعاقب . وكانت التأمينات الشخصية في روما هي الأولى في الظهور فعلا ، ولم
تظهر التأمينات العينية وبخاصة حق الرهن إلا في وقت متأخر تحت تأثير القانون
اليوناني( [1] ) .
( والسبب الثاني ) أن التأمينات كان ظهرها بادئ ذي بدء أمراً طبيعياً
، إذ كان المدينون في أول الأمر من الطبقة الفقيرة لا تملك ما تقدمه تأميناً
عينياً ، فقد كانت التأمينات العينية تقوم في أساسها على العقار . وكان العقار هو
ملك الأسرة جميعاً إذ كان يمثل الثروة الحقيقية ، ويمثل الأسرة رئيسها فهو وحده
الذي يجوز العقار ولا يملكه . أما بقية
أفراد الأسرة فكانوا يلجأون إلى التأمينات الشخصية ، ويساعدهم على ذلك قيام روابط
الأسرة والتضامن فيما بين أفرادها . فكان
الفرد لا يعدم من أفراد قبيلته ، ثم من أفراد أسرته ، من يتضامن معه ويكفل الدين
عنه ، فكان النظام الاجتماعي للقبيلة ثم للأسرة يهيئ السبيل إلى التأمينات الشخصية
من تضامن وكفالة( [2] ) .
ظهور التأمينات الشخصية قبل ظهور التأمينات العينية
4/
5
بواسطة
Mostafa Attiya
ماذا يجول بخاطرك ؟ لاتتردد !! عبّر عن نفسك .بعض الكلمات ستتدفق وبعضها سيتعثر لكنها تسعدنا مهما كانت.