
من تصرف له الوارث ، ويكون الشهر بتأشير الدائن بدينه في خلال سنة من شهر حق الإرث ، ويجري التأشير أمام اسم المورث في سجل عام تدون فيه أسماء المورثين بحسب الأوضاع المقررة للفهارس الأبجدية .
فإذا تم التأشير على هذا النحو ، استطاع الدائن أن ينفذ بحقه على عقارات التركة ولو كان الورثة قد تصرفوا فيها ، فيتتبعها في يد من وقع التصرف لهم .
ونشير إلى أن أستاذنا الدكتور/عبدالرزاق أحمد السنهوري تناول بفيض آخر من فقهه يربط هذه الفقرة مع فقرة لاحقة في الجزء التاسع أسباب الملكية-الميراث بعنوان:
التصفية الجماعية للتركة اختيارية لكنها استثنائية ومعناها ومراحلها (الوصلة ستفتح في نافذة جديدة لزوم المراجعة)
193 – تصرف الوارث في أعيان التركة المدينة التي لم تخضع لنظام التصفية :
ونخصص القول هنا في حكم تصرف الوارث في أعيان التركة المدينة قبل
سداد الدين إذا كانت هذه التركة لم تخضع لنظام التصفية . وقد قدمنا أن حقوق
الدائنين تتعلق بأعيان التركة أشبه ما تكون بحق الرهن ، وأنه لا بد من شهر هذا الحق ليكون نافذاً في حق من تصرف له الوارث ، ويكون الشهر بتأشير الدائن بدينه في
خلال سنة من شهر حق الإرث ، ويجري التأشير أمام اسم المورث في سجل عام تدون فيه
أسماء المورثين بحسب الأوضاع المقررة للفهارس الأبجدية .
فإذا تم التأشير على هذا النحو ، استطاع الدائن أن ينفذ بحقه على
عقارات التركة ولو كان الورثة قد تصرفوا فيها ، فيتتبعها في يد من وقع التصرف لهم
.
وقد ورد ها الحكم في المادة 914 مدني ، إذ تنص على ما يأتي ، " إذا لم تكن
التركة قد صفيت وفقاً لأحكام النصوص السابقة : جاز لدائني التركة العاديين أن
ينفذوا بحقوقهم أو بما أوصى به لهم على عقارات التركة التي حصل التصرف فيها أو
التي رتبت عليها حقوق عينية لصالح الغير ، إذا أشروا بديونهم وفقاً لأحكام القانون
([1])
" .
وأحكام القانون هنا تبينها المادة 14 من قانون تنظيم الشهر العقاري ،
وتجري على الوجه الآتي : " يجب التأشير بالمحررات المثبتة لدين من الديون
العادية على المورث في هامش تسجيل الإشهادات أو الأحكام أو السندات وقوائم الجرد
المتعلقة بها ويحتج بها التأشير من تاريخ حصوله ، ومع ذلك إذا تم التأشير خلال سنة
من تاريخ التسجيل المشار إليه فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقاً
عينياً عقارياً وقام بشهره قبل هذا التأشير ([2])
" .
وتطبيقاً لما قدمناه نفرض أن الوارث قد باع عقاراً في التركة قبل أن
يسدد ديونها . فإذا كان الدائن قد أشر بدينه على النحو الذي أسلفناه في خلال سنة
من تاريخ شهر حق الإرث ، ولم يستوف حقه من الوارث أو من أي طريق آخر ، كان له أن
يتتبع العقار تحت يد المشتري ، كما كان يتتبعه لو أنه كان دائناً مرتهناً ،
فيستوفي حقه منه ، حتى لو كان البيع مسجلاً قبل تأشير الدائن بدينه ما دام التأشير
قد تم في خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث كما سبق القول . ونرى من ذلك أن من
يتعامل مع الوارث فيشتري منه عقارات للتركة ، يجب عليه أن يتحوط فلا يقدم على
الشراء قبل انقضاء سنة من تاريخ شهر حق الإرث ([3]) .
وعند ذلك يستطيع أن يتبين ما إذا كان هناك دائن للتركة أشر بدينه حتى يتعامل مع
الوارث على هذا الأساس . فأما أن يحتجز من الثمن مقدار الدين ليقوم هو بسداده
للدائن ، وإما أن يجعل الوارث يفي بالدين ، فإن لم يفعل لا هذا ولا ذاك عرض نفسه
لإجراءات التتبع التي يقوم بها دائن التركة ([4]) .
فإذا لم يقم الدائن بالتأشير بدينه في خلال سنة من تاريخ شهر حق
الإرث ، لم يعد حقه نافذاً في مواجهة المشتري إذا سجل المشتري البيع بقبل أن يقوم
الدائن بالتأشير بعد انقضاء السنة . فإذا أشر الدائن بدينه بعد انقضاء سنتين مثلاً
، فإن كان المشتري قد سجل البيع قبل هذا التأشير لم يستطع الدائن تتبع العقار في
يده ، ما لم يكن المشتري سيء النية متواطئاً مع الوارث بحيث يجوز للدائن أن يطعن
في البيع بالدعوى البولصية .
وإن كان المشتري قد سجل البيع بعد تأشير الدائن ، كان
للدائن أن يتتبع العقار في يد المشتري وأن يستوفى منه حقه ([5]) .
وفي جميع الأحوال يجوز للدائن ، إذا لم يستطع أو لم يرد تتبع العقار ، أن يستوفى
حقه من أموال التركة الأخرى التي لا تزال باقية في يد الوارث ، كما له أن يرجع
بالتعويض على الوارث في ماله الشخصي إذا كان هذا قد باع العقار غشاً وإضراراً
بحقوق الدائن ولو لم تتوافر شروط الدعوى البولصية .
أما إذا كانت العين التي باعها الوارث قبل سداد الدين منقولاً ، فلا
تأثير لتأشير الدائن بدينه في هذا البيع وينظر في هذه الحالة إلى المشتري ، فإن
كان سيء النية ، أي يعلم أن المنقول الذي يشتريه هو من أموال تركة لم تسدد ديونها
، جاز للدائن أن يتتبع هذا المنقول في يد المشتري وأن يستوفي حقه منه .
أما إذا
كان المشتري حسن النية ، فقد ملك المنقول بالحيازة ، ولا يستطيع الدائن أن يتتبعه
في يده ، وليس له إلا الرجوع بحقه على بقية أموال التركة التي لا تزال في يد
الوارث . فإن لم يجد شيئاً يستوفي منه حقه ، رجع بثمن المنقول على الوارث إذا كان
حسن النية ، أو رجع عليه بالتعويض إذا كان سيء النية أي يعلم قبل أن يبيع المنقول
أن على التركة ديناً لم يسدد .
ترتبط هذه الفقرة مع فقرة لاحقة في الجزء التاسع أسباب الملكية-الميراث بعنوان:
التصفية الجماعية للتركة اختيارية لكنها استثنائية ومعناها ومراحلها (الوصلة ستفتح في نافذة جديدة لزوم المراجعة بين الفقرتين)
التالي> تصرف الوارث في أعيان التركة المدينة التي خضعت لنظام التصفية
السابق<
- بيع الوارث لعين في التركة
قبل سداد الديون
- وضع المسألة – سريان مبادئ
الفقه الإسلامي
- انتقال أموال التركة إلى الورثة في الفقه الإسلامي
- تصرف الورثة في أعيان التركة قبل سداد الديون في الفقه الإسلامي
- انتقال التركة المدينة إلى الورثة في التقنين المدني الحالي
[2] ^ وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون تنظيم
الشهر العقاري في هذا الصدد : " ومؤدى هذا النص أن تأشير الدائن بدينه في
الميعاد المشار إليه يحفظ له حق مطلقاً قبل الغير ، حتى لو كان هذا الحق قد تلقاه
صاحبه وشهره قبل هذا التأشير . أما بعد هذا الميعاد ، فالعبرة بأسبقية الشهر بين
الدائن وبين من تلقى الحق من الوارث . ولا يبدأ ميعاد السنة بالنسبة إل الدائن إلا
من تاريخ شهر الإرث . أما إذا لم يشهر حق الإرث ، فللدائن أن ينفذ على أعيان
التركة استيفاء لحقه ، والمفروض أنها تكون باقية على ملك الوارث إذ لا يجوز شهر أي
تصرف صادر منه قبل شهر حق الإرث ذاته . وللدائن في جميع الأحوال ، ولو أغفل
التأشير بدينه بعد استطاعته ذلك – أي بعد شهر حق الإرث – أي ينفذ على أعيان التركة
التي تكون باقية على ملك الوارث . بمعنى أنه إذا باع الوارث بعض عقارات التركة
وسجل عقد البيع ( بعد تسجيل حق الإرث ) ، ولم يؤشر الدائن بدينه ، كان لهذا الأخير
الرجوع على عقارات التركة التي لم يتعلق بها حق الغير . وإذا رهن الوارث بعض
عقارات التركة وقيد الرهن ، فللدائن الذي لم يؤشر بدينه أن يرجع على هذا العقار
المرهون ، ولكن يكون للدائن المرتهن أن يحتج قبله بحق الرهن . ومما تقدم يرى أن
المادة 14 مكملة للمادة 13 التي أوجبت شهر الإرث حتى يستطيع الوارث التصرف في
عقارات التركة . وقد أخضت المادة 14 ديون الغرماء لنظام التأشير الهامشي ، ولم
توجب شهرها استقلالاً بطريق التسجيل . فإذا أهمل الوارث شهر حقه ، لم يلتزم دائن
التركة بشهر دينه ، مع بقائه محمياً بقاعدة لا تركة إلا بعد وفاء الديون ، فتظل
ديون التركة رغم خفائها عالقة بأعيانها كما لو كانت مرهونة بها " . وانظر
الأستاذ محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية جزء 5 فقرة 159 ص 196 –
والأستاذ محمد علي عرفة في الاتجاهات الحديثة في الميراث وتصفية التركة في مجلة
القانون والاقتصاد 18 ص 223 .
وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 18 من قانون تنظيم
الشهر العقاري على أن " لكل ذي شأن أن يطلب إلى قاضي الأمور المستعجلة محو
التأشير المشار إليه في المادة الرابعة عشرة ، فيأمر به القاضي إذا كان سند الدين
مطعوناً فيه طعناً جدياً " . فيجوز إذن أن يطلب المحو الوارث أو دائن آخر
للتركة أو دائن شخصي للوارث أو مشتر من الوارث يضره التأشير فيطلب محوه .
والأفضلية المترتبة على أسبقية الشهر لا تكون فيما بين
دائني التركة " فلا يتقدم أحدهم على الآخر لمجرد أنه أشر بحقه قبله . ولكن
الدائن الذي أشر في خلال السنة له أن يتتبع العقار في يد الغير ، ولا يستطيع هذا
التتبع الدائن الذي لم يؤشر في خلال هذه المدة ( الأستاذ محمد كامل مرسي في الحقوق
العينية الأصلية جزء 5 فقرة 162 – الأستاذ محمد علي عرفة المقال المشار إليه في
مجلة القانون والاقتصاد 18 ص 227 ) .
[3] ^ أما قبل شهر حق الإرث ، فإن القانون لا يمكن
الوارث من التصرف في عقارات التركة ، إذ يمنع شهر أي تصرف يصدر منه قبل أن يشهر حق
أرثه . وتقول المادة 13 من قانون تنظيم الشهر العقاري في هذا الصدد : " يجب
شهر حق الإرث بتسجيل إشهادات الوراثة الشرعية أو الأحكام النهائية أو غيرها من
السندات المثبتة لحق الإرث ، مع قوائم جرد التركة إذا اشتملت على حقوق عينية
عقارية ، وذلك بدون رسم . وإلى أن يتم هذا التسجيل لا يجوز شهر أي تصرف يصدر من
الوارث في حق من هذه الحقوق " .
[4] ^ ويبدو أن المشتري من الوارث لا يستطيع تطهير
العقار ، كما كان يستطيع لو أن العقار كان مرهوناً رهناً رسمياً ، فإن التطهير
إجراء استثنائي لا يمتد من الرهن الرسمي إلى غيره من الحقوق المماثلة إلا بنص في
القانون . ولذلك جاز التطهير في حق الاختصاص لوجود هذا النص ( م 1095 مدني ، ولم
يجز في الرهن الحيازي لانعدامه ) .
[5] ^ الأستاذ محمد علي إمام فقرة 176 ص 95 –
الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 199 ص 296 – وإذا باع المورث عقاراً ولم يسجل
المشتري البيع قبل موت المورث ، ثم باع الوارث العقار ذاته ، فإن المشتري من
المورث يفضل على المشتري من الوارث إذا سجل عقده في خلال السنة التي تلي شهر حق
الإرث أو أشر بدينه باعتباره دائناً للتركة في خلال هذه المدة ، حتى لو سجل
المشتري من الوارث عقده قبل ذلك . أما إذا سجل المشتري من المورث البيع أو أشر
بالدين بعد انقضاء السنة ، فالعبرة في المفاضلة بينه وبين المشتري من الوارث
بالأسبقية في التسجيل أو التأشير . وسنعود إلى هذه المسألة بتفصيل أو فيما يلي (
أنظر فقرة 270 ) .
تصرف الوارث في أعيان التركة المدينة التي لم تخضع لنظام التصفية
4/
5
بواسطة
Mostafa Attiya
ماذا يجول بخاطرك ؟ لاتتردد !! عبّر عن نفسك .بعض الكلمات ستتدفق وبعضها سيتعثر لكنها تسعدنا مهما كانت.