
195 -الحالة
الأولى – تزاحم الشفعاء وهم من طبقات مختلفة :
تنص الفقرة الأولى من المادة
937 مدني ، كما رأينا ([1]) ،
على أنه " إذا تزاحم الشفعاء ، يكون استعمال حق الشفعة على حسب الترتيب
المنصوص عليه في المادة السابقة " . فإذا تزاحم الشفعاء ، وكانوا من طبقات
مختلفة يعلو بعضها بعضاً ، استحق الشفعة منهم من كان أعلاهم طبقة دون غيره من
الطبقات الأدنى ، وذلك بحسب الترتيب المبين في المادة 936 وقد سبق ذكرها ([2]) .
وبالرجوع إلى نص هذه المادة يتبين أن طبقات الشفعاء مرتبة على الوجه الآتي:
( 1 ) في الطبقة الأولى مالك الرقبة ، عندما يشفع في حق الانتفاع .
فإذا كان هناك عقار قد رتب عليه حق انتفاع لمصلحة شخصين في الشيوع ، وباع أحد صاحبي حق الانتفاع حصته ، كان الشفعاء في هذه الحصة هم مالك الرقبة ، ثم صاحب حق الانتفاع الآخر باعتباره شريكاً في الشيوع في حق الانتفاع الذي بيع بعضه ، ثم الجار الملاصق للعقار الذي رتب عليه حق الانتفاع إذا كان في حالة من الأحوال الثالث التي يشفع فيها الجار ([3]) . فإذا تقدم هؤلاء الشفعاء جميعاً للأخذ بالشفعة ، فضل مالك الرقبة لأنه في الطبقة الأولى من الشفعاء ، واستقل وحده في الأخذ بالشفعة . ويليه الشريك في الشيوع في حق الانتفاع ، ثم الجار .( 2 ) في الطبقة الثانية الشريك في الشيوع ، إذا بيعت حصة شائعة غير التي يملكها لأجنبي .
والمراد بالشريك في الشيوع هنا ، ليس فحسب الشريك في عقار مملوك ملكاً تاماً لعدد من الشركاء في الشيوع ، بل أيضاً الشريك في الشيوع في رقبة العقار أو في حق انتفاع في عقار أو في حق حكر . فإذا كان هناك عقار مملوك لشخصين على الشيوع ، وباع أحد الشريكين حصته الشائعة لأجنبي ، كان الشفيعان في هذه الحصة هما الشريك الآخر والجار . ولما كان الشريك الآخر في الشيوع وهو في الطبقة الثانية يتقدم على الجار ، كان هو الذي يأخذ بالشفعة دون الجار ([4]) . وإذا كان هناك عقار يملكه شخصان على الشيوع ، وقد رتبا عليه حق انتفاع فأصبحا يملكان الرقبة في الشيوع ، وباع أحدهما حصته الشائعة في الرقبة لأجنبي ، كان الشفعاء في هذه الحصة هم الشريك المشتاع الآخر في الرقبة وصاحب حق الانتفاع والجار . ولما كان الشريك المشتاع الآخر في الرقبة هو شريك في الشيوع فهو في الطبقة الثانية، ويتقدم على كل من صاحب حق الانتفاع والجار ، فهو وحده الذي يأخذ بالشفعة دون الاثنين الآخرين .
وقد كان الأمر على العكس من ذلك في المشروع التمهيدي لنص المادة 936
مدني ، فقد كان صاحب حق الانتفاع في هذا المشروع يتقدم على الشريك في الشيوع ([5]) .
ثم انعكس الترتيب في لجنة المراجعة ، فأصبح الشريك في الشيوع ، في المشروع النهائي
وفيما تلاه من المشروعات إلى أن استقرت تقنينا كما رأينا ، هو الذي يتقدم على صاحب
حق الانتفاع . ولو أخذنا بحكم المشروع التمهيدي في المثل المتقدم ، لتأخر الشريك
المشتاع الآخر في الرقبة عن صاحب حق الانتفاع ، ولتقدم هذا الأخير على هذا الشريك
المشتاع وعلى الجار ، فأخذ وحده دونهما الحصة الشائعة التي بيعت في الرقبة .
( 3 ) في الطبقة الثالثة صاحب حق الانتفاع ، عندما يشفع في الرقبة .
فإذا كان هناك عقار مملوك لشخص وقد رتب عليه حق انتفاع فأصبح مالكاً للرقبة وحدها ، ثم باع الرقبة . فالشفيعان في الرقبة هما صاحب حق الانتفاع والجار . ولما كان صاحب حق الانتفاع في الطبقة الثالثة ويتقدم على الجار ، فإنه هو وحده الذي يأخذ بالشفعة دون الجار .( 4 ) في الطبقة الرابعة صاحب الرقبة عندما يشفع في حق الحكر ، أو صاحب حق الحكر عندما يشفع في الرقبة .
فإذا كان هناك عقار رتب عليه صاحبه حق حكر ، ثم باع صاحب حق الحكر حقه ، فالشفيعان في هذا الحق هما صاحبا الرقبة والجار . ولما كان صاحب الرقبة هنا في الطبقة الرابعة ويتقدم على الجار ، فإنه هو وحده دون الجار الذي يأخذ حق الحكر بالشفعة . ولو أن صاحب الرقبة هو الذي باع الرقبة ، فإن الشفيعين في هذه الرقبة يكونان هما صاحب حق الحكر والجار . ولما كان صاحب حق الحكر في المرتبة الرابعة ويتقدم هو أيضاً على الجار ، فإنه هو وحده دون الجار الذي يأخذ الرقبة بالشفعة .( 5 ) في الطبقة الخامسة والأخيرة الجار المالك ، وهو أدنى الشفعاء طبقة .
فإذا كان هناك عقار مملوك ملكاً تاماً لشخص واحد وباعه ، ففي هذا الفرض لا يوجد مالك رقبة ولا شريك في الشيوع ولا صاحب حق انتفاع ، وليس العقار محكراً حتى يكون هناك مالك رقبة وصاحب حق حكر . ومن ثم لا يوجد إلا شفيع واحد هو الجار ، فله حينئذ أن يأخذ بالشفعة . وهذا الفرض هو الذي يكثر وقوعه في العمل ([6]) .
[3] ^ قارن شفيق شحاتة فقرة 247 وفقرة 250 – عبد
المنعم البدراوي فقرة 4 ص 454 – إسماعيل غانم ص 72 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة
288 ص 424 : حيث يذهبون إلى أن الجار المالك لا يشفع في حق الانتفاع .
[5] ^ وقد جرت مناقشات طويلة في لجنة الأستاذ كامل
صدقي في شأن تقديم صاحب حق الانتفاع على الشريك في الشيوع . ففي جلسة 18
يونيه سنة 1937 ، تناقش الأعضاء طويلاً في هذه المسألة ، وانتهت
المناقشة بأن اتخذ قرار بالأغلبية بتقديم الشريك في الشيوع على صاحب حق الانتفاع (
مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 363 – ص 365 في الهامش ) . ثم أعادت اللجنة ،
في جلسة 19 نوفمبر سنة 1937 ، المناقشة في المسألة ، وانتهت إلى قرار
عكس القرار السابق بجعل صاحب حق الانتفاع في المرتبة الثانية متقدماً على الشريك
في الشيوع الذي جعلته في المرتبة الثالثة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 386 – ص
387 في الهامش ) . وعلى هذا الوجه تقدم المشروع التمهيدي إلى لجنة المراجعة ،
فعكست هذه اللجنة الترتيب وعادت إلى الترتيب الأول ، إذ جعلت الشريك في
الشيوع في المرتبة الثانية متقدماً على صاحب حق الانتفاع الذي جعلته في المرتبة
الثالثة . واستقر المشروع على ذلك في سائر مراحله التشريعية ، إلى أن
أصبح تقنينا . أنظر آنفاً فقرة 179 في الهامش .
[6] ^ هذا وإذا اعتبرنا مالك الطبقة في البناء
متعدد الطبقات شفيعاً بحكم الجوار ، فإنه يأتي في الطبقة الخامسة كسائر
الجيران . ويبدو أنه إذا تزاحم مع جار جانبي عادي ، فإنه يقدم عليه كما
سنرى ، لأن الشفعة تعود على ملكه بمنفعة أكبر مما تعود على ملك الجار العادي .
وإذا بيعت إحدى طبقات الدار ، فتزاحم على أخذها بالشفعة صاحب الطبقة الأعلى
مباشرة وصاحب الطبقة الأسفل مباشرة ، فإنه يبدو أن صاحب الطبقة الأعلى مباشرة
هو الذي يقدم ، لأن له مصلحة أجدر في الأخذ بالشفعة كما سنرى .
تزاحم الشفعاء من طبقات مختلفة
4/
5
بواسطة
Mostafa Attiya
ماذا يجول بخاطرك ؟ لاتتردد !! عبّر عن نفسك .بعض الكلمات ستتدفق وبعضها سيتعثر لكنها تسعدنا مهما كانت.